تعلم اللغة هو المفتاح للمستقبل في جميع دول العالم
لا تنحصر فوائد تعلم لغة جديدة على توسيع آفاقك اللغوية، وبل تتجاوز هذا لتستمر الإثارة والمكافآت المعرفية مدى الحياة. وبالنسبة للصغار خصوصاً، فإن المهارات التي يحصلون عليها طوال فترة تعلم اللغة قد تحضّرهم ليصبحوا مواطنين عالميين وتزيد من فرصهم للحصول على مستقبل دولي ناجح عن طريق تسليحهم بمهارات كالتعاطف والمرونة والذكاء الثقافي.
ثنائية اللغة والعقل
بغض النظر عن اللغة التي تتحدثها، فإن عقلك جهاز معقد للغاية. بينما كان يعتقد في السابق أن تحدث أكثر من لغة لم يكن أمراً ذو ميزة، فقد تم تأكيد فوائد تعلم اللغة، بالمزيد من البحث الناتج طوال الوقت.
ووجد الباحثون أن العقل الذي يمارس لغتين يكون أكثر مرونة وقدرة على التكيف وخاصة خلال الأعمار الصغيرة. فالأشخاص ثنائيو اللغة على سبيل المثال، يتمتعون بتأخير لمدة من 4-5 سنوات في بداية ظهور الخرف لديهم ويستعيدون بشكل أسرع للإدراك بعد معاناتهم من السكتة الدماغية. وتُظهر أدمغتهم أيضًا زيادة المادة الرمادية في قشرة مقدمة الجبهة الظهرية الوحشية وهي جزء من المخ الذي يتعامل مع “المهمة التنفيذية” مما يتيح لهم تنظيم المعلومات المتضاربة والتركيز وحل المشكلات بشكل أكثر فعالية.
وفي دراسة أخرى، وجد أن الأطفال الصغار الذين يتمتعون بثنائية اللغة لديهم قدر أكبر من المرونة الإدراكية عند الانتهاء من التمارين العقلية، في حين وجدت دراسة أخرى أن ثنائيي اللغة من البالغين الذين تحدثوا وينتقلون بين لغاتهم يتمتعون أيضا بالمرونة العقلية العليا بانتظام.
تعلم اللغة والمهارات الأخرى
من جهة أخرى، تساعد الفوائد المعرفية لتعلم لغة أخرى الصغار على تطوير المهارات الأساسية الأخرى. ففي إحدى الدراسات وُجد أن الصغار متعددي اللغات هم أكثر تعاطفًا ولديهم مهارات تفسير وتواصل أفضل، وحيث يتكهن الباحثون أن ذلك يعود إلى حقيقة أن الصغار ثنائيو اللغة يحبون أن يفسروا باستمرار نوايا ووجهات نظر الآخرين.
تنتقل فوائد مهارات التعامل مع الآخرين الممتازة – فضلًا عن زيادة المرونة الإدراكية والمهام التنفيذية – إلى ما هو أبعد بكثير، فبطبيعة الحال: تكون أساسية لفهم الآخرين والعمل بشكل فعال وفي نهاية المطاف للوصول إلى النجاح.
العلاقة الثقافية
من البديهي قول إن تحدث لغتين أو أكثر يعطي الصغار والشباب قوة أكثر. وقد أكدت الدراسات المتعددة أن ثنائيي اللغة يكونون أكثر انفتاحًا وثقة ثقافيًا، لكلٌ من المهارات التي تعتبر ضرورية لتحقيق النجاح في بيئات العمل الدولية (المتزايدة) والشعور بالراحة في عالم دائم التغير. وفي الواقع أن الأطفال والشباب ذوي اللغات المتعددة سيجدون أنه من الأسهل العمل مع الناس من مختلف الخلفيات الثقافية ومن جميع أنحاء العالم: فقد تأسس الإدراك الثقافي الحقيقي على تقدير وفهم الثقافات الأخرى والطرق المختلفة للتفكير والعمل.
اللغات في العمل
في يومنا هذا تعد المهارات اللغوية مميزاً رئيسياً بين المتقدمين للحصول على معظم الوظائف. كما تتيح التطورات التقنية لمزيد من الشركات لإجراء الأعمال التجارية الدولية، ما سيزيد الحاجة للأشخاص ذوي المستوى العالِ في اللغة الإنجليزية للقيام بالأعمال التجارية. وحتى في البلدان المعارضة لتعدد اللغات بشكل تقليدي، أصبحت أهمية المهارات اللغوية أكثر قوة: ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يفوق عدد متحدثي الإسبانية عدد متحدثي الإسبانية في إسبانيا، ما يجعلها ثاني أكبر مجتمع ناطق باللغة الإسبانية بعد المكسيك.
يقود تواصل تعدد اللغات الفعال الإنتاجية ويفتح آفاقًا جديدة من فرص العمل والمشاريع إلى العالمية، ولكن هناك أيضا فائدة مادرية للتحدث بأكثر من لغة واحدة: مهارات الألمانية، على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي إلى زيادة بنسبة 3.8 في المائة في الراتب وما يقدر بنحو دخل إضافي يساوي 128.000 دولار أمريكي.
الخلاصة
يعتبر تعلم لغة ممتع جدًا ومفيد في كثير من النواحي الأساسية لتطور الأطفال ولتحقيق النجاح في المستقبل للشباب: فهو ينقل إليهم المزايا المعرفية، فضلًا عن تعزيز المهارات الأساسية للحياة مثل التعاطف والقدرة على التكيف والمرونة. تكون هذه المهارات جذابة لأي شخص، وستكون ذات أهمية خاصة في المستقبل، وبالنسبة لأولئك الذين يحلمون بالعمل أو العيش أو السفر إلى الخارج.